مقالات

للمشاهير: كفى هياط

أعتقد أصبح الوضع غير صحي ومزعجا ويهدد منظومة القيم الاجتماعية، وأعني هنا مشاهير التواصل الاجتماعي وهم في سباق محموم يتنافسون ويتسابقون في إظهار وتسويق مظاهر البذخ والإسراف والهدايا والعطايا وعرض الأموال الطائلة والملايين فيما بينهم، كيف وصلت هذه الأموال لهم؟ وهل هي حقيقة؟ أم هو عمل درامي وسيناريو متفق عليه مسبقا؟!
ولماذا هذا الحرص في تصويره من زوايا عدة وتناقله بشكل كبير في كل برنامج التواصل الاجتماعية؟
كل يوم تظهر لنا قصة جديدة من التجاوزات والهياط وخليط مزعج من البشر يختلقون الأحداث والتفاهات والأكاذيب والخيالات لكي يبقوا في نطاق الشهرة وتحت الأضواء دون اعتبار لسوء المحتوى الذي يقدمونه وهزالته؛ فالبقاء للأشطر في النصب والهرطقات وحفلات الصياح والصراخ ومناسبات البذخ والإعلانات المضللة والغش والتنافس المحموم والثراء الفاحش الذي لا يستغرق الوصول إليه سوى فترة زمنية قصيرة بدعم بعضهم بعضا وكل بثمنه أو هكذا يدعون!
أصبح المشهور شغله الشاغل أن يظهر كل يوم بأي تفاهة ويتحدث في مواقع التواصل الاجتماعي لمجرد التواجد ويدعي أن ظهوره ليس لعرض الإعلان فقط والتسويق لمنتج ما بل حبا في متابعيه ومن يشاهدونه الذين لا يعرفهم ويدعي حبهم حبا جما في كل لحظة (وهو في الأصل يحب الدراهم التي تأتي من ورائهم) وينطبق هنا مقولة عندما لا تدفع ثمن سلعة ما فاعلم أنك أنت السلعة. ويظهر على الأغلبية ضعف التعليم ويتحدثون فيما لا يفقهون وعدم تقدير ثقافة المجتمع وقيمه، وقلة احترام ظروف الأسر وإمكاناتهم المادية، ليكون التأثير والتبلد والإبهار سيد الموقف في التعاطي مع المجتمع والجهل والتخبط سلوك يفي كل موقف لعرض المقتنيات الثمينة والماركات في أجواء يسودها الإسراف في المأكولات والبذخ واختلاق المناسبات والمواقف الدرامية المتفق عليها مسبقا وكأنها صدفة أو حياتهم الطبيعية لزيادة التأثير على العامة ورفع التوقعات والطموحات والمقارنات لدى صغار السن والشباب واضطرار الكثير من الأسر لمجاراة الجو العام الذي فرضه هؤلاء المشاهير بالتفريط وتراكم الديون لتوفير جزء مما تمكنوا توفيره لإرضاء أبنائهم في واقع مرير وداء خبيث ينهش في كيان الأسرة وجسد المتجمع.
الوضع خطير ويهدد منظومة القيم، ويولد صراعات أسرية وحيرة لدى الوالدين وتمرد الأبناء على حياتهم البسيطة في محاولات غير ناجحة لاستنساخ حياة المشاهير البعيدة المنال من قصور وسيارات فارهة ومقتنيات ثمينة من ساعات أو مجوهرات بقيمة سيارة أو بقيمة بيت كل ذلك في مقارنة غير عادلة ومعايير حياتية ظالمة.
بعض المشاهير داء خطير يهددون القيم والنسيج الاجتماعي وغيروا المفاهيم تجاه التعليم والجد والكفاح وطريقة كسب الرزق والطريقة الطبيعية للحياة، وعلينا حماية أبنائنا من ممارساتهم الخاطئة التي اجتاحت منازلنا وشوهت الكثير من المعاني الجميلة وأثقلت كاهل الأسر.
والأسف كل الأسف دعم بعض رجالات المجتمع ومن يعول عليهم النصح ودعم القيم والأخلاق النبيلة لهؤلاء والظهور في منصاتهم الاجتماعية أو حضور مناسباتهم.. لكن يبقى الأمل الحقيقي في سن الأنظمة والقوانين التي تضبط مظاهر البذخ والإسراف وتصوير الهدايا والعطايا والأموال أو آرائهم المشوهة تجاه المجتمع وقيمه.
والأمل كل الأمل في التعليم فهو المحرك الأساسي لنهضة الوطن لأنه يزود المجتمع بترسانة من القيم الأخلاقية والاجتماعية العلمية التي يجب تعزيزها والتأكيد عليها عبر برامج ومقررات هادفة ممنهجة قادرة على صياغة الفرد والمجتمع صياغة مشبعة بالوعي والقيم الحميدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى