مقالات

المشاهير سبب في خراب البيوت

مع هذا الفضاء التقني الحر والمفتوح، وما يطرحه المشاهير في مواقع التواصل الاجتماعي والبث المباشر، للأسف، من نصائح مغلوطة أسرية وزوجية مدمرة بكل معنى الكلمة، وإسدال النصائح والأفكار بدون علم، وأن الحياة الزوجية (فل مشاعر) و(فل رومنسية) و(فل حب) بالعربي حياتكم ضائعة، في ظل أرضية زوجية قد تتسم بالجدب والفقر العاطفي، لتتشكل الآمال ويرتفع سقف التوقعات عند أحد الزوجين ليبقى الآخر في الواقع المعتاد وفق قدراته وإمكاناته العاطفية والمادية وبدون (فلاتر تحسين المظهر)، وهنا يحدث غير المألوف وعدم التوافق، واللعب على وتر الدين أحيانا، وإيهام الناس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أن هناك حياة أفضل، ويجب التمرد على الوضع الراهن والخروج إلى حياة منفتحة أو كما يدعون أنهم يعيشونها.
كل ذلك يصاحبه مظاهر البذخ والبيوت الفارهة والسيارات الفخمة والهدايا الثمينة والسفريات الإعلانية التي تزغلل العيون، والتواجد في المناسبات الترفيهية أو المواسم المحلية المختلفة واختلاق (الحبك الدرامية بأهداف إعلانية) وقد يتقابل أكثر من مشهور في هذا الحدث ليبدأ هنا مسلسل الضياع وعدم احترام القيم وثقافة المجتمع، لتكون الحلقة الأولى بقصة جديدة من التجاوزات والهياط وخليطا مزعجا من المشاهير وبقية الكادر التمثيلي المصاحب له من أشباه المشاهير يختلقون الأكاذيب والأحداث والتفاهات ويصنعون الخيالات، وقد يتلفظون على بعضم بالاتفاق طبعا فيما بينهم بألفاظ خارجة عن سياق الاحترام ورفع مستوى (الهياط) كل ذلك لكي يبقوا في نطاق الشهرة وتحت الأضواء دون اعتبار لسوء المحتوى الذي يقدمونه وهزالته.
البقاء للأشطر في النصب والهرطقات وحفلات الصياح والصراخ ومناسبات البذخ والإعلانات المضللة والتنافس المحموم، والهدف الأول هنا ركوب الترند وتصدر الهاشتاق مهما كان الثمن، بعد ذلك تبدأ الحلقة الثانية وهي التبرير والتوضيح وأن الناس فهمت غلط وأنه قصده سام ونبيل مع طرح بعض الأحاديث النبوية والأمثال في الأدب العربي ليكتمل مسلسل التبرير وهذا ترند آخر.
المشاهير، بدون شك، يصنعون ثقافة جديدة، ويدعمون سرعة تبادل الأفكار، بما توفره التقنية الحديثة من إمكانيات وبرامج البث المباشر، ولكن في الطريق الخطأ، ويهددون القيم والنسيج الاجتماعي، إضافة إلى تشويه المفاهيم النبيلة تجاه التعليم والجد والكفاح وطريقة كسب الرزق، والطريقة الطبيعية للحياة والعلاقات الأسرية، وعلينا حماية أبنائنا من ممارساتهم وأفكارهم الخاطئة التي اجتاحت منازلنا، وشوهت كثيرا من المعاني الجميلة، وأثقلت كاهل الأسر ماديا، وفرقت الأزواج في ظل تغافل وغياب المختصين من علماء النفس والاجتماع الذين خفت دورهم وغاب نجمهم، ولعل ما نكتبه اليوم يحرك المياه الراكدة.
سن الأنظمة والقوانين التي تضبط هذه المنصات مهم، لكن لن تغطي كل الجوانب، يجب أن تتحدد الجهود من كل أفراد المجتمع، لإيجاد أدبيات ووضع أخلاقيات تجبر المشاهير على التعاطي في حدودها، مع التمييز بين الجيد والمفيد، وتبادل المعلومات القيمة مقابل عرض اليوميات الفارغة، ليكون الثمن هو أنت ووقتك، وتنطبق هنا مقولة: عندما لا تدفع ثمن سلعة ما، فاعلم أنك أنت السلعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى