يعاني قطاع الإعلان في المملكة من ممارسات غير صحية في ظل تنامي وسائل التواصل الاجتماعي، التشريعات التي تنظم القطاع حوالي 15 نظاماً ولكنها موزعة في عدة وزارات وتعدد الأنظمة أحدث نوعاً من الفوضى والإرباك وفتح مزيداً من الثغرات التي مرت من خلالها التجاوزات وهيأت لمشاهير التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لممارسة نشاط الإعلان خارج المنظومة المؤسسية المتخصصة، ومن المؤسف أن الشركات قد تحولت في الآونة الأخيرة من الإعلان المحترف إلى ترويج منتجاتها بواسطة مشاهير التواصل الاجتماعي وهذه سقطة تسويقية قد تضر بسمعة الشركة لأن الصورة الذهنية التي ترتسم عن الشركة تكون مربوطة بالشخص الذي روج لها وأي خطأ قد يؤثر على مصداقيتها، أما من الناحية الاجتماعية فإن مشاهير التواصل الاجتماعي ساهموا في تعزيز ثقافة الاستهلاك لدى الأسر وهذا يتعارض مع رؤية المملكة 2030 التي تستهدف تنمية الفكر الإدخاري للوصول إلى نسبة إدخار تتجاوز 10 % من الدخل، أما قانونياً فإن مشاهير التواصل الاجتماعي ليست لهم مرجعية لمحاسبتهم عن أي ممارسات خاطئة أو تضليل أو أي ضرر يلحق بالمستهلك، ولأجل ذلك لابد أن تتدخل الجهات المسؤولة وإيقاف المشاهير عن ممارسة الإعلانات التجارية ومعاقبة المخالفين منهم والمنشآت التي استعانت بهم، كما أن إقرار نظام موحد للإعلانات أصبح أمراً ملحاً للمحافظة على المكتسبات الاقتصادية وتعزيز المحتوى المحلي من خلال الإعلانات المحترفة التي تغير الصورة الذهنية عن المنتجات الوطنية.
باستثناء بعض المشاهير الذين يقدمون محتوى مميزاً ويروجون لمنتجات جيدة ويلتزمون بحدود التخصص، إلا أن الغالبية العظمى من مشاهير التواصل الاجتماعي يلهثون وراء المادة ومستعدون لتقديم كافة التنازلات وترويج أي منتجات حتى لو كان في ذلك تأثير على صحة الإنسان مثل الترويج للمنتجات الصحية والمعلومات الطبية والمنتجات الضارة بالصحة العامة، كما أن عمليات غسل الأموال قد تمرر من خلالهم.
إن تنامي ظاهرة مشاهير التواصل الاجتماعي لها تداعيات سلبية ليس في الإعلانات فقط بل تتعداها إلى هدم القيم والذوق العام عبر المحتوى الذي يقدم ويحدث خللاً في التوازن النفسي للمتلقي؛ لأنه يصارع داخلياً بين ما تراه عيناه ويعجبه، وبين ما تسمعه أذناه من تحذيرات وانتقادات وخصوصاً فئتي الشباب والأطفال كونهما الأكثر تأثراً، وقد يُستغل المشاهير في تهديد أمننا الفكري من خلال بث الأفكار الهدامة أو تفتيت اللحمة الوطنية وزراعة الطبقية والنظرة الدونية بين أبناء الشعب.