سارعت محكمة الأحوال الشخصية بالمدينة المنورة، في إثبات نسب طالبة سعودية إلى والدها، وأصدرت حكماً نهائياً بإلزام والدها بإثبات نسب ابنته واستخراج الهوية الوطنية لها، مستندة في ذلك إلى أن النسب يثبت بأدنى احتمال، طبقاً لنظام الأحوال الشخصية الجديد فضلاً عن ما قدمته الأم من أدلة وقرائن معتبرة شرعاً.
ونقلت مصادر، أن إمارة المدينة المنورة نفذت الحكم الصادر من محكمة الأحوال، القاضي بإثبات نسب فتاة في المرحلة الثانوية إلى والدها، وجرى التنسيق بين إمارة المنطقة والأحوال المدنية وشرطة جدة، لاستكمال الإجراءات حيال تنفيذ الحكم الشرعي، وأكدت المصادر تسليم الفتاة المحكوم لها بطاقة الهوية الوطنية الأسبوع الماضي، بعد معاناتها في عدم اعتراف والدها بها مدة 19عاماً.
وطبقاً للتفاصيل، أثبتت المحكمة نسب حنان البالغة من العمر 20 عاماً، وفصلت في الدعوى خلال أسابيع، واكتسب الحكم القطعية، وألزمت المحكمة الأب المماطل باستكمال استخراج شهادة ميلاد ابنته وإدراجها في السجل المدني، واستكمال وثائقها النظامية وحصولها على الهوية الوطنية.
تتلخص الوقائع في أن مواطنة أقامت دعواها أمام المحكمة، ذكرت فيها أنها أنجبت من طليقها 4 أبناء بينهم بنت أسمتها حنان ، وقالت في دعواها، إن زوجها السابق اعترف بأبنائه الذكور، واستخرج لهم أوراقهم الثبوتية ورفض الاعتراف بابنته الوحيدة، ولم يستخرج لها أي أوراق ثبوتية، رغم أنها حالياً في المرحلة الثانوية وعلى وشك الالتحاق بالجامعة، وطلبت الأم في دعواها إلزام الأب المدعى عليه بإثبات نسب ابنتهما. وفتحت المحكمة الجلسة عن بُعد وأبلغت الأب بمواعيد الجلسات وظل متغيباً عن الحضور، فصدر أمر المحكمة بإحضاره بالقوة الجبرية.
وفي جلسة لاحقة، سألت المحكمة الأم عن سبب إقامة الدعوى منها وليس من الابنة المتضررة كونها بالغة راشدة، فردّت الأم بأن ابنتها لا تريد أن ترفع الدعوى على أبيها من باب البر به وحسن الخلق، ولتجنبها أي خلافات، كما أنها لا تستطيع رفع الدعوى لعدم وجود سجل مدني، فقررت المحكمة السير في الدعوى، ثم طلبت البيّنة من الأم على صحة دعواها.
وقدمت الأم عقد نكاحها الرسمي وصك الطلاق وقدمت شهوداً على تعنّت ورفض طليقها الاعتراف بابنته، كما قدّمت صورة لشهادة بلاغ الولادة بالمستشفى وقت ولادة ابنتها وشهادة تسجيل مولودة صادرة عن المستشفى، تضمنت معلومات الأم والأب وما يثبت استلامها من والدها آنذاك.
النسب يثبت بأدنى احتمال
اطلعت المحكمة على شهادات ميلاد الإخوة الذكور وتاريخ طلاق الأم وكرت سجل الأسرة الذي يثبت إضافة الأم كزوجة، إضافة إلى صك طلاقها الذي كان بعد ولادة الفتاة بسنوات عدة. وبعد الدراسة والتأمل وتدقيق الوثائق ومطابقتها للتواريخ أكدت المحكمة، أن النسب يثبت بأدنى احتمال، وخلصت إلى إثبات نسب الفتاة لوالدها، وصدر صك بذلك واكتسب الحكم القطعية في وقت لاحق.
وقالت مصادر، إن الأب ظل يماطل في تنفيذ الحكم ما دفع والدة الفتاة ومحاميها تقديم شكوى إلى إمارة المدينة المنورة، التي بدورها وجهت بتنفيذ الحكم الشرعي وإكمال الإجراءات النظامية حيال استخراج الهوية الوطنية للفتاة، وبالتنسيق مع الأحوال المدنية وشرطة جدة، كون مقر إقامة الأب المماطل في محافظة جدة، وعقب التنسيق بين الأجهزة ذات العلاقة أنهت الأحوال المدنية في المدينة المنورة، الإجراءات النظامية كافة، وصدرت لها بطاقة الهوية الوطنية، وجرى تسليمها الهوية وإغلاق ملفها.
وعبرت والدة الفتاة وابنتها عن بالغ شكرهما لإمارة المدينة المنورة وللجهات الرسمية كافة، التي أسهمت في تنفيذ قرار المحكمة، ومنهم محامي الفتاة الذي تابع الإجراءات منذ تقديم الدعوى ثم صدور حكم المحكمة وانتهاء بتنفيذ منطوق الحكم، وقالت، إن المحكمة أنصفت ابنتها وأثبتت نسبها في أسابيع، وجرى تأييد الحكم ومن ثم اللجوء للجهات المختصة لإلزام والدها باستكمال الإجراءات النظامية حتى استلامها بطاقة الهوية الوطنية.
إجراء الفحص النووي
المحامي والموثق العدلي نبيل قملو، أوضح أن نظام الأحوال الشخصية أفرد فصلاً بنصوص قانونية محددة في ما يتعلق بدعاوى النسب، إذ بين النظام أنه لا يثبت نسب الولد إلى أبيه إلا بالولادة في عقد زواج صحيح أو بالإقرار أو بالبينة، في حين يثبت نسب الولد إلى أمه بثبوت الولادة، وأوضح أن النظام منح المحكمة في الأحوال الاستثنائية، أو عند التنازع في إثبات نسب الولد، أو بناءً على طلب جهة مختصة، منحها الحق في أن تأمر بإجراء فحص الحمض النووي، وذلك وفق القواعد المنظمة لذلك، وتحكم المحكمة بما تنتهي إليه نتيجة الفحص وفق نص النظام.
وقالت المحامية سميرة ياسر صديق، إن محاكم الأحوال الشخصية تختص بالنظر في النزاعات والخلافات بين أفراد الأسرة الواحدة أو ما بين الأقارب في العائلة. وتشمل القضايا مسائل الفرقة (الطلاق) والحضانة والنفقة وتوزيع الميراث وإثبات النسب وغيرها من القضايا المتعلقة بالأسرة. وتصدر الأحكام طبقاً لنظام الأحوال الشخصية الجديد، وقالت، إن الفتاة حصلت على حقها الشرعي والنظامي وجرى التنفيذ جبراً على الأب المماطل بقوة النظام، وقالت، إن المحاكم باتت تفصل في القضايا الأسرية بشكل سريع.