أمرت محكمة الأحوال الشخصية في جدة، بفسخ نكاح زوجة دون مقابل مالي بعد ثبوت المضار النفسية والاجتماعية والجسدية على الزوجين بسبب الخلافات بينهما واستقرار الزوجة في بيت أهلها، رافضة العودة لبيتها لتعرضها إلى عنف من زوجها وطلبها اللجوء لدار الحماية الاجتماعية.
وأكدت المحكمة، في قرارها، أن استمرار الحياة الزوجية بين الزوجين على الوضع الذي رأته المحكمة أمر لا تتحقق منه مقاصد النكاح في الشريعة من المودة والرحمة والسكن والعفة، مع ما في ذلك من المضار النفسية والاجتماعية والجسدية على الزوجين.
وأصدرت محكمة الأحوال الشخصية بجدة، حكماً بفسخ النكاح وأفهمت الزوجة أن عليها العدة الشرعية وقد بانت من زوجها بينونة صغرى لا تحل له إلا بعقد جديد مستوفٍ للشروط والأركان، وأن لا تتزوج حتى تنتهي عدتها، كما أمرت المحكمة بالتهميش على عقد النكاح عقب اكتساب الحكم القطعية.
وبحسب تفاصيل صك الحكم النهائي، الذي اطلعت عليه ، فإن مواطنة تقدمت بدعوى أمام محكمة الأحوال تطلب فيها فسخ نكاحها بعد أن لجأت إلى دار الحماية هروباً من عنف زوجها وهروباً من الضغوط التي عايشتها معه، وقدمت في حيثيات المرافعة أمام المحكمة ما يثبت ويؤيد دعواها، وقالت الزوجة، بحضور محاميتها أمام المحكمة، إنها تزوجت قبل 9 سنوات على مهر قدره 40 ألف ريالـ وشرحت سبب طلبها في فسخ النكاح بأن زوجها سيئ المعاشرة ويعنفها ويتباهى بعلاقاته المحرمة مع نساء، فضلاً عن سوابقه وإجرامه وتورطه في عدد من القضايا وسجنه عدة مرات في قضايا جنائية، وتعنيفه لها وضربها أمام أبنائها ما تسبب في علاجهم لدى طبيب نفسي بسبب ما أصابهم من خوف وفزع، ودعمت قولها بتقارير طبية.
واطلعت المحكمة على تقارير طبية تثبت مراجعة الزوجة وأبنائها للطب النفسي بتوصية من دار الحماية الاجتماعية، في حين ظل الزوج ينكر ما نسب إليه من تعامل سيئ، وقالت المحكمة: إن عقود الأبدان لا تتم إلا بالاتفاق والتآلف وحسن المعاشرة، فإذا فقد ذلك لم يكن لبقاء العقد وجه وكانت المصلحة في الفرقة، وبينت المحكمة أن الزوج يرفض طلاق المدعية ولا سبيل لها إلا بفسخ النكاح عليه، وحكمت الدائرة القضائية بفسخ نكاح المواطنة لثبوت تضررها.
الفرق بين الخلع والفسخ والطلاققالت المحامية المستشارة القانونية منال الحارثي، إن المرأة حصلت على حكم فسخ نكاحها دون عوض، إذ قدمت البينة وظهر للمحكمة استحالة بقاء عقد الزوجية بينهما لسوء المعاشرة، وقالت إن المرأة لم تحصل على طلاقها من الزوج فلجأت للقضاء الذي بيده هذه السلطة بعد ثبوت البينة الموصلة، لا سيما أن استمرار الحياة الزوجية على الوضع الذي وصف في صك الحكم أمر لا تتحقق منه مقاصد النكاح في الشريعة من المودة والرحمة والعفة مع ما في ذلك من المضار على الزوجة. ولفتت المحامية منال الحارثي، إلى أن وزارة العدل، خطت خطوات كبيرة في ما يتعلق بقضايا الخلع والطلاق والحضانة والنفقة، واقترحت أن تحدد مثل بعض القضايا كفسخ النكاح والخلع بمدة لا تزيد على شهر، لا سيما في ظل تهاون الأزواج لكسب الوقت في جلسات الصلح.
وقالت: إن هناك فروقات بين دعاوى الخلع ودعاوى فسخ النكاح ودعاوى الطلاق ولكل نوع شروط، وأوضحت أن الطلاق سلطة مطلقة بيد الزوج كأن يقول الرجل لزوجته أنتِ طالق، أما فسخ عقد النكاح فهو أن تطالب الزوجة بإنهاء العلاقة الزوجية لمسببات واضحة وصريحة في حياتها تؤثر على حقوقها الزوجية، مثل تعرضها للأذى والعنف وعدم النفقة أو توفير حياة كريمة أو إدمان الزوج للمخدرات أو تركه للصلاة وكثير من الأمور والمسببات التي تحتاج إلى بينة لذلك أمام القضاء، وأما دعاوى الخلع فهي حق للزوجة بأن تطلب من القضاء أن يخلعها، بمعنى يفرقها عن زوجها، ولا يجب أن يكون عيباً في الزوج ولكن إما كرهاً أو بغضاً في حياتها معه، ولها أن تحصل على الخلع مقابل أن ترد له مهره أو جزءاً منه وفق ما تقرره المحكمة، وفسخ النكاح والخلع يعود لتقدير القضاء، وهو سلطة بيد القاضي. ولفتت المحامية منال إلى أن وزارة العدل ألزمت المحاكم بمبدأ المصالحة في قضايا الأحوال الشخصية، لمحاولة تقريب وجهات النظر قدر المستطاع، للوصول إلى قناعة قدر عن تراض من الطرفين إذا تم الانفصال.