أصيب العشرات من قوات حفظ السلام التابعين لحلف الناتو هذا الأسبوع في شمال كوسوفو عندما اشتبكوا مع الصرب، مما أثار مخاوف من تصعيد أكبر بين صربيا وكوسوفو.
وجاءت أعمال العنف بعد أن أرسلت قيادة ألبان كوسوفو قوات أمن مدججة بالسلاح للسيطرة على مباني البلدية في آخر منعطف في نزاع يعود إلى نزاعات البلقان في التسعينيات.
وأعلنت كوسوفو، حيث غالبية السكان من الألبان والمسلمين، استقلالها عن صربيا في عام 2008، بعد ما يقرب من عقد من حملة الناتو التي دفعت لانسحاب القوات الصربية من كوسوفو، ومنذ ذلك الحين، اختلف البلدان حول معاملة كوسوفو للأقلية السكانية من الصرب، بحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.
بداية المناوشات
فقد بدء القتال في الأيام الأخيرة وكانت في غالبيتها مناوشات تخللها بعض إطلاق النار، عندما نشرت حكومة كوسوفو قواتها الأمنية في عدة بلدات لتنصيب رؤساء البلديات من أصل ألباني الذين فازوا في الانتخابات المحلية الشهر الماضي، فيما قاطع الصرب المحليون ذلك.
وكل جانب ألقى باللوم على الآخر في القتال، في حين وصف الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، الاشتباكات الأخيرة بأنها “غير مقبولة” يوم الثلاثاء، وقال إنه تم نشر 700 جندي احتياطي لمساعدة مهمة حفظ السلام هناك، والتي كانت تضم 3800 جندي قبل الصراع.
في المقابل، ورداً على العنف، قال رئيس صربيا، ألكسندر فوتشيتش، في بيان صادر عن مكتبه، إنه وضع الجيش في حالة تأهب قصوى.
مقاطعة للانتخابات
وتركزت الاشتباكات الأخيرة في أربع بلديات شمالية متاخمة لصربيا تضم الكثير من الأقلية الصربية في كوسوفو.
ومقاطعة الانتخابات المحلية الشهر الماضي كانت مدفوعة من قبل حزب سياسي صربي في كوسوفو.
ففي بيان نُشر على فيسبوك قبل أيام من الانتخابات، رفضت المجموعة العملية الانتخابية ووصفتها بأنها “غير ديمقراطية” وحضت الصرب على البقاء في منازلهم في يوم التصويت.
ولضمان حصول الألبان الذين فازوا في الانتخابات البلدية الأخيرة على مناصبهم، أرسلت الحكومة المركزية في كوسوفو الأسبوع الماضي قوات أمن مسلحة إلى المنطقة، وهي خطوة دانتها الولايات المتحدة، الداعم الدولي الرئيسي لكوسوفو، بعبارات قوية بشكل غير عادي.
لكن خلال عطلة نهاية الأسبوع، تجمع المتظاهرون الصرب خارج المباني البلدية في عدد من البلدات ذات الأغلبية الصربية، في مواجهة مع قوات أمن كوسوفو وقوات من بعثة حفظ السلام التي يقودها الناتو تسمى “KFOR”.
وأصيب 30 جندياً من قوات حفظ السلام التابعة للناتو بجروح في الاشتباكات، من بينهم 19 إيطالياً و11 مجرياً.
أسباب الصراع
ويعتبر التصعيد الأخير جزءاً من الخلاف حول وضع كوسوفو، التي أعلنت استقلالها قبل 15 عاماً، بعد ما يقرب من عقد من حملة القصف التي شنها الناتو والتي استمرت 78 يوماً في عام 1999 والتي دفعت القوات الصربية من كوسوفو.
في حين تم الاعتراف بكوسوفو المستقلة من قبل الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية، فإن صربيا بالإضافة إلى حلفائها الرئيسيين، روسيا والصين لا تزال ترفض الاعتراف باستقلالها.
ووصفت التقسيم بأنه انتهاك لقرار الأمم المتحدة رقم 1244 الذي يعود تاريخه إلى عام 1999 ونهاية حرب كوسوفو.
فيما انضم الصرب الأكثر اعتدالاً إلى القوميين الصرب في كوسوفو في المطالبة بتنفيذ اتفاق 2013 الذي توسط فيه الاتحاد الأوروبي والذي يدعو إلى اتخاذ تدابير للحكم الذاتي للبلديات التي يسيطر عليها الصرب في الشمال، وهو شرط تراجعت عنه كوسوفو.
في فبراير/شباط الماضي، وافق زعماء كوسوفو وصربيا مبدئياً على اتفاق سلام توسط فيه الاتحاد الأوروبي ورفضه القوميون من كلا الجانبين ولم يتم التوقيع عليها رسميا.
البعد الإقليمي للتوترات
واشتعلت التوترات بين الطائفتين العرقيتين بانتظام على مدار العقد الماضي، مما جعل المنطقة مركزاً لأعمال عنف لا يمكن التنبؤ بها.
واندلعت الاشتباكات في يوليو/تموز الماضي استجابة لقانون جديد يطالب الصرب الذين يعيشون في كوسوفو بتحويل لوحات السيارات الصربية إلى لوحات كوسوفو.
يأتي التصعيد الأخير في الأعمال العدائية في الوقت الذي استحوذت فيه العملية الروسية في أوكرانيا على اهتمام حلفاء كوسوفو المهمين، أي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وصربيا، المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كانت شريكاً وثيقاً لموسكو لعدة قرون. وبينما صوتت لصالح قرار للأمم المتحدة لإدانة العملية الروسية في أوكرانيا، رفضت في ذات الوقت الانضمام إلى العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على موسكو.