بوداع عام 2023، وحلول العام الجديد؟ ترصد ، ملامح مضيئة من تطور الأنظمة العدلية التي كانت سمة بارزة في منصات الدور العدلية لكل ما من شأنه تسهيل الإجراءات والربط الإلكتروني والاستعانة بتقنيات الذكاء الصناعي وتطويع التقنية لتحقيق العدلية الناجزة، مع تحديث وتطوير واستحداث وتعديل مئات الأنظمة واللوائح العدلية التي تتعلق بالمنظمة العدلية التي حققت الريادة في العمل العدلي تحقيقاً للعدالة الناجزة وحماية الحقوق وضمان الحريات؛ وفق أفضل الممارسات المحلية والإقليمية والعالمية في جميع المحالات القضائية والرقمية والإدارية والنيابية. وفيما اختتمت وزارة العدل نهاية عام 2023م، بسريان واحد من أهم الأنظمة العدلية وهو نظام المعاملات المدنية، كان ديوان المظالم يعلن عن ولادة قضاء التنفيذ للمحاكم الإدارية لسرعة تطبيق ما يصدر من أحكام لصالح أو ضد الجهات الحكومية، لتنتقل بذلك إلى خطوة تاريخية في تنفيذ الأحكام الإدارية، في الضفة الأخرى لم تكن النيابة العامة بمعزل عن التطور المتلاحق في أنظمتها وأعمالها عندما أعلنت إطلاق منصة عدالة الإلكترونية لتسريع إجراءات الربط الإلكتروني مع الجهات المرتبطة بالمنظومة القضائية، والعمل من خلال التقنيات والذكاء الاصطناعي على تعزيز الرقابة على السجون ودور التوقيف، معززة بذلك أعمالها في دعم وتطور المنظومة العدلية والعمل القضائي.
العدالة وحوكمة الإجراءات
أطلقت النيابة العامة، العديد من أعمالها ومشاريعها التطويرية والتنظيمية خلال العام الماضي، ودشّن النائب العام الشيخ سعود عبد الله المعجب، في وقت سابق منصة (عدالة الإلكترونية)؛ التي ضمت أنظمة معززة للعمل القضائي، شملت القضايا والرقابة والتفتيش على السجون ودور التوقيف، والادعاء العام واستئناف الأحكام، والتعاون الدولي، والتفتيش النيابي. وهدفت المنصة إلى تعزيز التكامل بين الجهات المرتبطة بالعملية القضائية، وتيسير التواصل فيما بينها لتسريع الإجراءات، وحوكمة الإجراءات الجزائية في التحقيق والادعاء واستئناف الأحكام، بالإضافة إلى تمكين الإشراف على تنفيذ الأحكام الجزائية ومتابعة محكومية السجناء.
وأسهمت المنصة الإلكترونية بفعالية من أعمال الرقابة والتفتيش على السجون ودور التوقيف، باعتباره واحداً من صميم الاختصاصات القضائية للنيابة العامة التي تقوم بجولات تفتيشية دورية على العنابر المخصصة لإيقاف المتهمين في مختلف القضايا، لتعزيز العدالة وحماية المجتمع والحقوق والحريات، في حين وفرت المنصة الرقابة والتفتيش على السجون ودور التوقيف عبر الأجهزة اللوحية، حيث تتم المتابعة المباشرة لحالة الموقوف بمؤقت إلكتروني مرتبط بنظام التنبيهات حماية لحقوق الموقوفين.
ووفّرت المنصة خدمة التحقيق الذكي، التي اشتملت على دليل إجرائي تفاعلي ومتكامل للمستخدمين، إضافةً إلى تقديم الطلبات الجزائية ومتابعة القضايا، وتقوم المنصة بتعبئة الحقول والقوائم وغيرها من الإجراءات الرقمية عبر الذكاء الاصطناعي لتقليل هامش الخطأ، والوقت المستغرق لاتخاذ الإجراءات النظامية.
محاكم ذكية للعدالة الناجزة
توّجت وزارة العدل، ختام عامها بمجموعة من الخدمات والمشاريع والقرارات التي كان لها الأثر النوعي الكبير على مستوى الأداء؛ الذي انعكس بدوره على رفع مستوى رضا المستفيدين، وأسهم في توفير الوقت والجهد عليهم، وحصدت الوزارة المركز الأول في قياس التحول الرقمي الحكومي العاشر، بحسب هيئة الحكومة الرقمية. وشملت الخدمات العدلية، جميع القطاعات؛ سواء القضاء، التوثيق، التنفيذ، المصالحة، والمحاماة، وغيرها من القطاعات العدلية.
وشهد العام الماضي في وزارة العدل، إطلاق وسريان العديد من التشريعات المتخصصة والأنظمة الجديدة؛ منها نظام الأحوال الشخصية، الذي مثل نقلة نوعية تتعلق بصون حقوق الإنسان واستقرار الأسرة وتمكين المرأة، ونظام الإثبات الذي عزز حجية الكتابة وجعلها أساساً في إثبات الحقوق، وزيادة نسبة التنبؤ بالأحكام القضائية قبل صدورها، وسبقها نظام التكاليف القضائية الذي يحد من الدعاوى الكيدية والصورية، ويعزز العدالة الوقائية، وليس أخيراً نظام المعاملات المدنية الذي يعد سمة بارزة في الأنظمة العدلية وترجم الجهود التي قادها وأشرف عليها ولي العهد، في استحداث وإصلاح الأنظمة التي تحفظ الحقوق، وتُرسخ مبادئ العدالة والشفافية، وتحقّق التنمية الشاملة الذي يعزز استقرار الأحكام القضائية، ويرفع من نسبة التنبؤ بالأحكام وهو ما يعكس اهتمام القيادة بنهج التطوير والإصلاح أخذاً بأحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة.
وبتوجيه من وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور وليد الصمعاني، استكملت المحكمة العليا متطلبات مشروع التحول الرقمي الكامل في المحكمة العليا، بما يختصر الوقت والجهد على المستفيدين، وينعكس بشكل إيجابي على العمل وتطويره. ودشّن وزير العدل على مدار العام العديد من المرافق والدور العدلية من بينها محاكم وكتابات عدل نموذجية، وفق الهوية المعيارية الموحدة والنموذج التشغيلي الحديث للمحاكم، الذي يأتي ضمن مشروع يستهدف إنشاء محاكم نموذجية في مناطق المملكة كافة.
تفعيل منظومة القضاء المؤسسي
استهدف تطبيق مشروع المحكمة النموذجية تحسين وتطوير بيئة العمل في المحاكم. إذ دشن وزير العدل، المحكمة الافتراضية للتنفيذ التي تهدف إلى تسهيل الخدمات على المستفيدين، وتحقيق العدالة الناجزة وسرعة إيصال الحق لأصحابه بالتوازن مع مراعاة الحقوق الأساسية للمنفذ ضده ومصلحة المجتمع، عبر إجراءات رقمية بالكامل دون تدخل بشري بداية من تقديم الطلب، ثم التدقيق والإحالة، وإصدار القرارات، وتحصيل الأموال، وإنهاء الطلبات، ما يوفر الوقت والجهد على المستفيدين.
وحققت وزارة العدل المركز الأول في قياس التحول الرقمي الحكومي العاشر، في ملتقى الحكومة الرقمية الذي نظمته هيئة الحكومة الرقمية؛ هدفت الجائزة إلى قياس الالتزام بالمعايير الأساسية للتحول الرقمي والإسهام في تطوير الحكومة الرقمية، وتطوير القدرات الرقمية وتركيزها على خدمة المستفيد من خلال خدمات إلكترونية ذكية. ودشّنت وزارة العدل، مركز تهيئة الدعاوى الذي يعمل على تقديم خدمة الإسناد القضائي للدوائر القضائية، ورفع جاهزية ملف القضية؛ ما أسهم في تحسين جودة مخرجات الدوائر القضائية وسرعة إنهاء القضية.
وهدف المركز العدلي إلى تفعيل منظومة القضاء المؤسسي، وتحسين طريقة وجودة تقديم الخدمات العدلية والوصول لمستوى عالٍ من رضا المستفيدين، إضافة إلى رفع الكفاءة التشغيلية للمحاكم والدوائر القضائية.
وعززت وزارة العدل من خدماتها الإلكترونية بإتاحة المزيد من الخدمات خلال العام المنصرم، إذ بلغ حجم الخدمات المتاحة عبر بوابة ناجز نحو 160 خدمة إلكترونية؛ بهدف توفير الوقت والجهد على المستفيدين، ورفع كفاءة الخدمات العدلية المقدمة للمستفيدين.
ودشّن أيضا وزير العدل أيضا، كتابة العدل الأولى بالرياض كأول كتابة عدل نموذجية. وأعلن بدء تطبيق الهوية المعيارية الموحدة لكتابات العدل النموذجية، التي تهدف إلى تطوير وتحسين بيئة العمل، مما ينعكس على الأداء، والارتقاء بالخدمات المقدمة للمستفيدين. وعملت الوزارة على إعادة هندسة إجراءات العقد الإلكتروني للزواج، لتصبح إلكترونية بالكامل، وتقدم إلى المستفيدين بجودة وأمان؛ الأمر الذي أحدث تحولاً إيجابياً كبيراً في تسجيل وقائع الزواج بالمملكة من خلال التكامل مع وزارة الداخلية، بما يخدم المستفيدين وييسر تعاملاتهم العدلية.
الوكالات في 3 دقائق
أصدرت الوزارة عبر بوابة ناجز ملايين الوكالات الإلكترونية في خمس خطوات تستغرق في المتوسط ثلاث دقائق وأطلقت خدمة (نسخ وكالة) عبر (ناجز)؛ التي تمكّن المستفيد من إعادة إصدار وكالة سابقة بشكل إلكتروني من خلال النسخ لنفس البنود أو الأطراف، ضمن سعيها للتيسير على المستفيدين واختصار الوقت والجهد عليهم، في اختيار البنود وإضافة الوكلاء. واستقبلت محاكم التنفيذ في مختلف مناطق المملكة وبشكل إلكتروني كامل، أكثر من مليون طلب تنفيذ، وتم التعامل مع الطلبات إلكترونياً بدءاً من التقدم بالطلب عبر بوابة ناجز حتى تنفيذه، دون الحاجة لاستخدام الورق أو زيارة المحاكم.
وأقرت وزارة العدل اللائحة التنفيذية لتنظيم الترخيص لمكاتب المحاماة الأجنبية التي تهدف إلى رفع تطوير مهنة المحاماة، ورفع كفاءة مزاوليها، وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار في المملكة. وقدمت خدمات التواصل مع المستفيد عبر وسائل عدة منها حسابا (التواصل العدلي) و(تعريف) على منصة تويتر، بالإضافة إلى خدمات التواصل عبر الدردشة المباشرة على بوابة ناجز أو التواصل الهاتفي وكذلك عبر البريد.
المظالم: قضاء التنفيذ وتجويد الإنجاز
قبل نهاية عام 2023م، سجل ديوان المظالم هدفاً عادل به النقلات التطويرية التي يسير بها، إذ أعلن عن تدشين محاكم التنفيذ الإدارية مدعمة هذه الخطوة بالعديد من منجزاتها ومبادراتها التنظيمية والرقمية وإسهاماتها العلمية والمجتمعية خلال العام، وسارع ديوان المظالم بمتابعة رئيس ديوان المظالم رئيس مجلس القضاء الإداري الدكتور خالد اليوسف، إلى التحول الرقمي وعمل من خلال إستراتيجياته على بدء تفعيل أول محكمة رقمية بالكامل إذ تم تشكيل فريق عمل لتحويل المحاكم الإدارية بالمملكة إلى رقمية، واعتماد ضوابط العمل القضائي عن بُعد ليسابق الزمن في تطوير أنظمته الإدارية في سبيل تجويد وإنجاز أعماله وخدماته.
ونظّم ديوان المظالم خلال العام الماضي، العديد من الفعاليات التي تتمثل في زيارات ومشاركات وعقد اتفاقيات وندوات محلية وعالمية مختلفة، فضلاً عن تطوير الأنظمة ذات العلاقة.
وعلى أرض الواقع يودع ديوان المظالم العام بإعلانه تفعيل قضاء التنفيذ أمام المحاكم الإدارية، ودأب رئيس ديوان المظالم رئيس مجلس القضاء الإداري، على حثَّ منسوبي المحاكم الإدارية بذل قصارى الجهد في كل ما من شأنه رفع كفاءة إنتاجية الأعمال، والمضي قدماً في تحقيق أهداف إستراتيجية ديوان المظالم والعمل على سرعة تنفيذها والاستفادة منها في تطوير الكوادر والأنظمة.
عدليون: المرافق.. إنجازات متلاحقة
قال رئيس النيابة العامة في جدة سابقاً الشيخ عبدالله محمد القرني، إن المرافق العدلية في السعودية سطرت إنجازات متتالية ومتلاحقة في شتى المجالات، وأضحت واقعاً معاشاً مشاهداً، تبلورت في النمو والازدهار والرخاء والتطورات الناتجة عن القرارات الحكيمة والتوجيهات السديدة لخادم الحرمين وولي العهد؛ وفق رؤية طموحة تلامس عنان السماء، قادت الوطن إلى مصاف الدول العالمية، ما حدا بالمملكة أن تكون محط أنظار العالم. وسخرت القيادة في هذا العام الذي نودعه ونستقبل عاماً جديداً كل ما من شأنه أن يعود بالنفع على الوطن والمواطن والمقيم.
من جانبه، قال قاضي المحكمة الجزائية المتخصصة سابقاً الشيخ الدكتور يوسف غرم الله الغامدي، إن منظومة التشريعات المتخصصة ومشاريع التحول الرقمي التي أطلقت تباعاً عززت أعمال وأدوار المنظومة القضائية والعدلية، وعكست ملامح مشروع السعودية لتحديث بنيتها التنظيمية والتشريعية، بما يتماشى مع الآفاق التي تتجه نحوها رؤية المملكة 2030 وتطوير الإجراءات المتعلقة برفع كفاءة الأنظمة وتمكين الحقوق وتحسين جودة الحياة وتعزيز النزاهة والارتقاء بالخدمات وحماية حقوق الإنسان. وأطلقت خلال رحلة التحول الرقمي وإصلاح المنظومة العدلية، العديد من المنصات الإلكترونية لتقوم بوظائف مختلفة وتؤدي أدواراً حيوية لخدمة المنظومة القضائية وتعزيز العدالة في المجتمع،
وقالت المحامية منال الحارثي: شهدت رقمنه الإجراءات العدلية نقلة تطويرية كبيرة أسهمت في تسهيل وتسريع إجراءات التقاضي، من خلال مجموعة من المنصات، وتبنت وزارة العدل وديوان المظالم والنيابة العامة وعدد من الجهات الحكومية السعودية تسيير أعمال مرافقها الخدمية والاستثمار في البدائل التقنية المتقدمة واستخدامات الذكاء الاصطناعي في تنفيذ الإجراءات المختلفة.