كيف سيبدو وضع قطاع غزة في 2024؟ هذا هو السؤال الكبير الذي يطرح نفسه مع انتهاء العام 2023، خصوصاً على الجانب الفلسطيني والعربي.
على الفلسطينيين الاستعداد للعام الجديد على أساس قناعة بأن ما بعد (طوفان الأقصى) سيكون مختلفاً كلياً عما قبله، فحكومة بنيامين نتنياهو ستسقط بعد الحرب وسيُشكل ائتلاف حكومي جديد، والسلطة الفلسطينية سيتم تغييرها بما يحقق المصالح الوطنية الفلسطينية، أو حلها، أو انهيارها، أو تجديدها؛ كما طالب الرئيس الأمريكي جو بايدن، أو سنكون أمام سلطة تجسد الإجماع الوطني وأداة من أدوات منظمة التحرير الموحدة، وسنكون أمام حركة حماس جديدة، وسيتحدد كل ذلك ومداه وفقاً لنتائج الحرب، وعليه يمكن الحديث عن أربعة سيناريوهات خلال العام الجديد تتمحور حول:
يعتمد هذا السيناريو على إقامة إدارة مدنية مؤقتة تابعة لسلطات الاحتلال، مع استمرار الأمن بيد القوات الإسرائيلية إلى حين إيجاد وضع جديد لا يسمح بتكرار ما حصل من تهديد لإسرائيل مجدداً.
وهنا، ستواجه إسرائيل احتمالاً مرجحاً بعدم القبول الفلسطيني لا من القطاع أو غيره بأن يكونوا ضمن هذه الإدارة المؤقتة؛ لأن من يوافق سيكون عميلاً للاحتلال، وسيعامل من شعبه على هذا الأساس؛ ما يعني أن الاحتلال سيكون مضطراً وفق هذا السيناريو إلى احتلال القطاع والمكوث فيه، وتحمل تبعاته والمسؤولية عن أكثر من مليوني شخص لفترة غير محددة، وهذا أمر تعارضه الولايات المتحدة والعالم، إضافة إلى معارضة شديدة فلسطينية وعربية وإسلامية، ولكنه أمر تسعى إليه أوساط صهيونية متطرفة، بدأت تنادي حتى بإعادة الاستيطان في غزة.
هذا السيناريو مرفوض فلسطينياً وعربياً ودولياً، إلا إذا كان جزءاً من مشروع سياسي يقوم على إقامة دولة فلسطينية، وهذا ما ترفضه إسرائيل، فلا أحد في العالم يرغب في أن يقدم غطاءً للاحتلال، ويتحمل المسؤولية بدلاً منه في منطقة شهدت كوارث إنسانية تترتب عليها تبعات وتداعيات إنسانية واقتصادية هائلة.
لكن هذا السيناريو بحاجة إلى موافقة السلطة التي أبدت استعداداً إذا كان ضمن حل سياسي يستند إلى حل الدولتين، ومع أن هذا السيناريو مقبول عربياً وعالمياً، لكنه مرفوض من الحكومة الإسرائيلية كما صرح نتنياهو، الذي قال أكثر من مرة إن السلطة بوضعها الحالي لا يمكن أن تعود إلى القطاع، أولًا لأنها كانت هناك وانقلبت عليها حماس، ولأن رئيسها لم يعلن إدانة عملية (طوفان الأقصى)، وتحرض على إسرائيل، ووزراء منها أشادوا بعملية 7 أكتوبر، وتدرّس أطفالها كراهية إسرائيل، وتصرف رواتب للإرهابيين وعائلاتهم؛ بحسب مزاعم رئيس وزراء إسرائيل.
لذا فإن هذا السيناريو يبدو مستبعداً، فعودة السلطة ضمن الصيغ التي تطرحها إسرائيل تحولها إلى سلطة عميلة، وتفقد بالتالي أي شرعية لتمثيل الفلسطينيين.
ولا شك أن حدوث هذا السيناريو سيؤدي إلى نوع من الفوضى والفلتان الأمني، وعودة الاحتلال المباشر، وإن بأشكال جديدة يمكن أن يكون من ضمنها إيجاد إدارات محلية يمكن تسميتها سلطات تطبيقاً لخطة (الإمارات السبع) التي طرحها منذ سنوات الباحث الصهيوني مردخاي كيدار. ومع أن هذا السيناريو مستبعد، لكن لا يمكن استبعاده كلياً في ظل الأزمة السياسية والاقتصادية والمالية التي تشهدها السلطة، والتنافس على الخليفة والخلفاء، وعدم وجود آلية متفق عليها للفترة الانتقالية، وفي ظل حكومة إسرائيلية متطرفة تتصرف مثل الثور الجريح المندفع، ومع صعوبة تحقق السيناريوهات الأخرى يبقى هذا السيناريو يطل برأسه.