يطوي اليمنيون عام 2023، محملين بآمال عريضة نحو حل الأزمة، بعد إعلان المبعوث الأممي هانس غرندوبرغ عن (خارطة طريق)، جاءت نتيجة جهود سعودية كبيرة قادتها الرياض طوال الأشهر الماضية، والتي كان من ثمارها الحفاظ على التهدئة وخفض الأعمال العدائية، ليشكل عام 2024 نقطة تحول في حياة الإنسان اليمني من الحروب والصراعات إلى السلام والاستقرار والتنمية وعودة الدولة إلى صنعاء والمشردين إلى منازلهم.
(خارطة طريق) الجديدة التي جاءت بدعم وجهود سعودية ضخمة، بالإضافة إلى اللجنة العمانية، ويرجح التوقيع النهائي عليها من قبل الأطراف اليمنية عقب انتهاء الأمم المتحدة من إعداد آلية التنفيذ خلال الأسابيع القادمة تتضمن: وقف إطلاق نار شامل، دفع مرتبات القطاع العام، استئناف تصدير النفط، فتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة، والتحضير لعملية سياسية يمنية جامعة برعاية أممية.
ويعكس هذا الاختراق في جدار الأزمة اليمنية، حرص المملكة على استمرار وقوفها مع اليمن وشعبه، وإصرارها الدائم على تشجيع الأطراف اليمنية للجلوس على طاولة الحوار للتوصل إلى حل سياسي شامل ودائم برعاية الأمم المتحدة، والانتقال باليمن إلى نهضة شاملة وتنمية مستدامة تحقق تطلعات شعبه.
الإعلان الأممي الذي جاء قبل أيام من دخول العام الجديد، قوبل باهتمام كبير من مختلف شرائح المجتمع اليمني التواق للسلام والاستقرار بعد عقد من الصراعات والحروب الدموية التي راح ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء، فضلاً عن الانهيار الاقتصادي وانتشار الفقر والجوع.
ورحبت الحكومة اليمنية وعدد من القوى السياسية بـ(خارطة طريق) العملية السياسية، وشدد المجلس الانتقالي الجنوبي؛ الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من أي عملية سياسية قادمة، على تحقيق المصالح العليا للشعب اليمني بمختلف شرائحه المجتمعية؛ وفقاً للمرجعيات السياسية ومخرجات الحوار الوطني والقرارات الأممية ذات الصلة، مؤكداً تأييده المطلق للجهود السعودية الحريصة على المصلحة العليا لليمن؛ حكومةً وشعباً.
ونوه ناشطون يمنيون على صفحات التواصل بالجهود السعودية المثمرة التي دائماً ما تكون في صف الشعب اليمني مهما كانت المتغيرات والتحديات، مؤكدين أنه لا ينكر تلك الجهود الأخوية والإنسانية لقيادة المملكة على مر العقود إلا جاحد. وتوقع الناشطون أن يشهد العام الجديد نهاية فعلية لكل الأزمات التي تعصف بالمجتمع اليمني وعودة مؤسسات الدولة بقيادة موحدة وانتهاء التشرد والتفكك الأسري الذي أنتجته الحرب، ووضع الحلول الاقتصادية والتنموية وتوحيد الجيش والأمن.
وأفاد الناشطون بأن خارطة الطريق هي عصارة جهود الوساطة السعودية والعمانية المشتركة والمخلصة بين الأطراف اليمنية طوال العام الماضي، إذ ظلت تلك اللجان المشتركة في ترحال بين صنعاء والرياض بعيداً عن الأضواء؛ بهدف تفكيك القضية اليمنية الشائكة والوصول إلى حلول نهائية تؤدي لرأب الصدع وجمع الإخوة الذين فرقتهم الصراعات والحروب على طاولة واحدة لتعود السعادة لليمن أرضاً وإنساناً.
ضوء في آخر النفق
بدوره، شدد رئيس تحرير صحيفة (عدن الغد) فتحي بن لزرق، على ضرورة دعم أي جهد ينهي الحرب في اليمن ويفتح الطرقات ويصرف مرتبات الناس التي تموت من الجوع، مطالباً برفض كل الأصوات التي تطالب باستمرار الحرب.
وقال: نرحب بإعلان خارطة السلام في اليمن وندعو للتوقيع عليها وتطبيقها على أرض الواقع سريعاً، بعد تسع سنوات من المعاناة هناك ضوء في آخر النفق، متوقعاً أن تشهد الرياض أو عاصمة أخرى في الأسابيع الأولى من العام الجديد التوقيع رسمياً على اتفاق السلام بحضور ودعم ومشاركة دولية واسعة.
بانتظار آلية التنفيذ
قال رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام عادل الأحمدي : إن ما أعلنه المبعوث الأممي ليس مجرد اتفاق، ولكنه يعني تسلم الأمم المتحدة رسمياً جهود الوساطة باليمن، انطلاقاً من الأرضية التي هيأتها (خارطة طريق) المقدمة من الوسطاء الفعليين الذين تحملوا كل المشقة طوال العام الماضي للوصول لهذه الصيغة. واعتبر أن مهمة المبعوث الدولي الآن هي وضع آلية لتنفيذ هذا الاتفاق ومن ثم وضعها كمسودة للتوقيع عليها في الأيام القادمة كما جرى مع اتفاقية مجلس التعاون الخليجية في عام 2012 وغيرها من الاتفاقيات السابقة التي قادتها الوساطة السعودية.
وأكد الأحمدي أن القيادة السعودية كانت ولا تزال في صف الشعب اليمني في مختلف منحنيات التاريخ العصيبة التي مرت بها بلادنا، وصولاً إلى هذا الحدث التاريخي الذي ننتظره في العام الجديد بفارغ الصبر، معرباً عن أمله أن يكون عام سلام واستقرار وعودة لليمن الكبير قوياً وسعيداً.
ولفت إلى أن الشعب اليمني لا يعلق آمالاً كبيرة على الأمم المتحدة، بل على السعودية التي يرون فيها حبل النجاة لهم ولبلادهم؛ نظراً لمواقفها الشجاعة والبطولية التي لن تنساها الأجيال على مر التاريخ.
ومن المؤكد أن السعودية لم تتوقف منذ بدء الأزمة اليمنية عن مواصلة جهودها الإنسانية والإغاثية والاقتصادية؛ التي تستهدف كل اليمنيين من سقطرى وحتى صعدة، وتمد يدها بشكل دائم لأشقائها، وظلت تسعى بكل السبل لتحقيق اختراق وإنهاء الصراعات في اليمن، ودعمت في مارس 2021م، المبادرة التي دعا لها مجلس التعاون الخليجي لوقف إطلاق النار وجلوس جميع الأطراف اليمنية، بمن فيهم الحوثيون، على طاولة المشاورات اليمنية – اليمنية في الرياض، وشجعت الحكومة اليمنية على القبول بالهدنة في عام 2022 وتمديدها، لذا فإنها حريصة على إنجاح هذه الجهود والوصول إلى سلام دائم وشامل في اليمن، كون ذلك يعد انتصاراً للإرادة اليمنية الحريصة على المصالح العليا للشعب ورفع المعاناة عن كاهل الشعب.