يتمثل الحد من الضرر بمفهومه الواسع في أي فرصة تُتاح لنا للحد من الآثار السلبية لفعل أو سلوك أو لشيء نستهلكه أو نُعرّض أنفسنا له. لذلك يمكن للحد من الضرر أن يتجلى بأمور بسيطة في حياتنا اليومية كاستخدام حزام الأمان عند القيادة لتقليل الضرر عند وقوع حادث ما، أو استبدال السكر بمُحليّات بديلة في قهوة الصباح لتخفيض تناول السكر.
وقد استحوذ الحد من الضرر بأشكاله العديدة على اهتمام المجتمع بكل فئاته باعتباره أداة لتحسين الصحة العامة للأجيال القادمة. لطالما حاول الأفراد والمنظمات الاجتماعية والشركات تطبيق علوم السلوك والإدراك والاجتماع لدفع المستهلكين نحو عادات صحية أفضل. على سبيل المثال: الاهتمام المتزايد بتحسين عادات الأكل وأنماط النوم السليمة والتمارين الإدراكية، مثل التأمل، تشكل جميعها فرصاً للشركات لدعم المستهلكين بالمنتجات والخدمات الضرورية التي تندرج جميعها تحت مظلة الحد من الضرر.
وفي هذا السياق، تبلغ قيمة سوق الرعاية الصحية في العالم اليوم أكثر من 1.5 تريليون دولار، وفقاً لشركة ماكينزي، ويُقدر أن تنمو بنسبة خمسة إلى عشرة في المئة سنوياً بفضل زيادة اهتمام المستهلكين وارتفاع القوة الشرائية. وكشف استطلاع أجرته الشركة نفسها شمل نحو 7,500 فرد في ستة بلدان، أن نحو 79% من المشاركين يعتقدون أن الصحة العامة مهمة، و42% منهم عبروا عن قناعتهم بأن الصحة تأتي على رأس أولوياتهم.
وقامت الحكومات بالاستفادة من تأثيرها بطبيعة الحال بدعم وتعزيز اهتمام المجتمع بالصحة الشخصية، من خلال وضع التشريعات وتحويل الموارد لمعالجة التحديات المتعلقة بالصحة، في ضوء الاهتمام المتزايد بالرفاهية الشخصية من قِبل المجتمع.
على سبيل المثال، وضعت حكومة الإمارات العربية المتحدة مؤشرات أداء رئيسية لقياس أداء الرعاية الصحية بصفتها إحدى الركائز الأساسية لرؤية 2021 وتشمل هذه المؤشرات متوسط العمر الصحي المتوقع، واستهلاك منتجات التبغ، ومعدل انتشار مرض السكري، من بين أمور أخرى. بينما تتطلع رؤية المملكة العربية السعودية 2030، إلى بناء مستقبل مزدهر للبلاد من خلال ثلاث ركائز رئيسية، تهدف إحداها إلى جعل المجتمع السعودي مجتمعاً حيوياً يركز على سعادة المواطنين والمقيمين، وينعم بالرفاهية الاجتماعية، وبنمط حياة صحي وبيئة معيشية إيجابية.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد المدخنين اليوم يبلغ نحو مليار شخص في العالم، ومن غير المرجح أن ينخفض هذا العدد في المستقبل المنظور.
ويسبب التدخين عدداً من الأمراض الخطيرة (بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية والرئة والسرطان) ويزيد من خطر الوفاة المبكرة. ويٌقدر عدد الوفيات المرتبطة به نحو ثمانية ملايين حالة سنوياً، لذلك يمثل التدخين تحدياً هائلاً للصحة العامة لكل من الحكومات والمشرّعين وهيئات الصحة العامة في العالم.
لقد تغيرت نظرة المجتمع حول الأولويات حيث أصبحت الرفاهية الشخصية والخيارات الصحية في الطليعة بالنسبة اليهم، على النحو المبين أعلاه، وهذا الأمر يدعونا للتفاؤل عندما نفكر في التحدي الذي يمثله التدخين على الصحة العامة. إضافة الى ذلك تستمر خيارات وفرص الحد من الضرر في التقدم بوتيرة سريعة.
ونتفق جميعاً على أن أفضل خيار يمكن للمدخن البالغ اتخاذه هو الإقلاع عن التدخين والنيكوتين كلياً، ولكن الحقيقة أن الكثيرين لا يفعلون ذلك. وبالتالي، فإن تحول المدخنين البالغين، الذين قرروا الاستمرار في التدخين، إلى بدائل أفضل مدعومة بالعلم، يعتبر فرصة مهمة تسهم في تسريع وتيرة تخفيض عدد المدخنين. وهذا هو مبدأ الحد من أضرار التبغ.
إن الاستفادة من العلوم والتكنولوجيا في ابتكارات مثل المنتجات الخالية من الدخان كالتبغ المسخّن، بالرغم من كونها ليست خالية من المخاطر، باستطاعتها الحد من الضرر الناجم عن تدخين السجائر، ما يشكل فرصة مهمة للصحة العامة.