ليس سراً أن الرياض بذلت جهوداً كبيرة وراء الكواليس لضمان خروج القمة العربية الإسلامية المشتركة بمستوى لائق وحضور جميع الأطراف واتخاذ قرارات ليست فقط بحجم الأزمة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بل ولإحياء إستراتيجية الدفاع عن القدس وقضية العرب المركزية.
ولا شك، أن تحرك المملكة العربية السعودية، لانعقاد قمة الرياض غير العادية لم يأتِ لإكمال مشوارها تجاه قضية العرب والمسلمين المركزية فحسب أو في مجال مواجهة تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة وحرب الإبادة الجارية، ولكن أيضاً لأنها مهتمة بصفة خاصة بأن توجه رسالة للعالم بأن الرياض لن تقبل بأي مشاريع لتصفية القضية الفلسطينية، وأن الطريق الوحيد لاستقرار المنطقة هو تنفيذ بنود مبادرة السلام العربية.
البيان الختامي للقمة، والذي صيغ بتوافق عربي – إسلامي قادته الرياض، هو رسالة واضحة لعواصم القرار من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، وهو بيان أعاد التأكيد على أن الدول العربية والإسلامية ترفض التجاوز على القرارات الدولية كما ترفض الممارسات الإسرائيلية التي تضرب بعرض الحائط كل القيم الإنسانية والأخلاقية، وهو بيان كشف للعالم أن الأمتين العربية والإسلامية ما زالتا في محورها الذي يؤمن بالسلام العادل والشامل، ولا تخططان لمغادرة هذا المحور القائم على مبادرة السلام العربية.
لقد خرجت القمة العربية – الإسلامية في الرياض ببيان ختامي يدين إسرائيل ويرفض سرديتها التي تقدم الحرب على غزة على أنها دفاع عن النفس، ودعا إلى وقف تصدير الأسلحة والذخائر لإسرائيل وضرورة وقف إطلاق النار وتأمين ممرات إنسانية عاجلة ودائمة.
إن السياسة السعودية التي ينتهجها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تعد تعبيراً حياً عن أهمية دور المملكة في المنطقة العربية والإقليم وعلى مستوى العالم وتجسيداً حيوياً لوحدة المواقف العربية والإسلامية للوقوف في وجه العدوان، وإعلان الانحياز إلى فلسطين القضية والشعب والمقدسات.
لقد أعلنت المملكة العربية الإسلامية منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة موقفها المعروف والثابت الداعي لإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، ورفضها المطلق لأي اعتداء على الشعب الفلسطيني دون التوقف عن التواصل والتنسيق مع عواصم القرار لتعميق هذا المطلب الذي يحقق الهدوء في الإقليم، كشرط واجب الوجود لذلك.
واتضحت مواقف المملكة بشكل جلي من خلال ما سمعه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال جولاته المكوكية في المنطقة، عندما أبلغته الرياض بضرورة وقف العدوان على غزة فوراً، مشددة على أن التهجير القسري خط أحمر وجريمة حرب، وهذا أعلى موقف يمكن أن تتخذه دولة، في مثل هذه الظروف. ولعل البيان الختامي للقمة العربية – الإسلامية في الرياض أعاد التأكيد على كل ما أكدته الرياض منذ اللحظات الأولى للعدوان على قطاع غزة.